روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | التغنــج...والترجـل!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > التغنــج...والترجـل!


  التغنــج...والترجـل!
     عدد مرات المشاهدة: 1679        عدد مرات الإرسال: 0

من أسوأ الظواهر الإجتماعية التي أطلت برأسها -بحذر- منذ فترة ليست قصيرة، ولكنها أصبحت الآن بادية القوام، جلدة المحيا، تتمتع بإصرار وقوة، مستعدة للمبارزة والدفاع عن النفس، ظاهرة التغنج عند الرجال، والترجل عند النساء.

وهوس مخالفة سنة الكون جزء من الهوس العام الذي يجتاح البشرية لمخالفة كل سائد مهما كان نافعا، والخروج عن كل مألوف وإن كان ضروريا.

لقد أصبحت مشاهد التخنث والتغنج بين عدد من فتيان المجتمع تأخذ في ازدياد، فالخصور ضيقة، والصدور مفتوحة وربما علقت عليها بعض السلاسل، والشفاه والخدود تتلون وتتشكل حسب رغبات الرجل أو الأنثى وزملائه الكرام، أو عشاق فنه أصحاب الذوق الرفيع، يتمايل ويتعطف في مشيته، ويتغنج ويمطط في كلامه، ويكاد يرقص طربا حين يسمع ثناء المعجبات وهيام العاشقات وبلاهة المتيمات، كل ذلك في الزمن الذي تخوض فيه الأمة معركة المصير مع أعدائها، وتتطلب أن تبعث الرجولة والفتوة والقوة بين شبابها، وما أصدق الشاعر الراحل محمود غنيم في أمثالهم:

شباب العرب يا زين الشباب *** ويا أشباه آساد غضاب

أرى منكم فريقا حين يمشي *** يحك بأنفه أنف السحاب

كليث الغاب في صلف وكبر *** وليس لدى الكريهة ليث غاب

تفنن في محاكاة العذارى *** وخالفهن في وضع النقاب

ولا يخشى على شيء ويخشى *** إذا ثار الغبار على الثياب

وفي المقابل تمت عملية الإنتكاسة في صفوف عدد من الفتيات، إنتكاسة فضيعة لم أتوقعها أبدا، حين شاعت عادة الترجل الذميمة بينهن، في الأسواق والمدارس والمجالس، فالغانيات الرقيقات اللاتي قال فيهن ابن أبي ربيعة:

كتب القتل والقتال علينا *** وعلى الغانيات جر الذيول

أصبحن يمشين مشية عسكرية فيها صلابة وقوة مفتعلة، يحاولن أن يبرزن صدورهن، ويرفعن رؤوسهن، ويضربن بأرجلهن، ويخشن أصواتهن وهن يتحدثن فيما بينهن، ليقتربن من عالم الرجال، والأزياء الأخيرة للفتيات التي تصمم داخليا لا تخلو من شبه قريب من ثوب الرجل، كاتحاد سعة الفستان من أعلى إلى أسفل، ووضع الجيب على الصدر من الجهة اليسرى، وتقصيره فوق الكعبين، ووضع الطوق المشابه للطوق الذي في ثوب الرجل.. وقد إنتشرت هذه الظاهرة وإستشرت بحيث أصبحت ظاهرة تستحق القيام بدراسات إجتماعية وتربوية لمعرفة أسبابها ووضع العلاج لها.

والأسئلة التي إنهمرت علي وأنا أتأمل هذه الظواهر عند الجنسين هي:

هل هذا نتيجة طبيعية لفراغ النفس من الأهداف العليا، وتعبير عن العجز عن تحقيق الذات بالأعمال المنتجة، والهروب إلى أعمال أخرى أقل أهمية ولكنها ملفتة لنظر الآخرين، تجعل لأصحابها قيمة ولو رديئة؟

هل هذا مجرد تقليد لما يشاهد على الشاشات من فتات الموائد الغربية؟

هل هذه الظاهرة تعبر عن شوق غائر في النفس إلى الجنس الآخر لم يستطع أحدهما الوصول إليه في ظل الواقع الشرعي والإجتماعي المحافظ، فكانت محاولة التشبه به هي وسيلة جذب إنتباهه؟

ألا ليت شبابنا وفتياتنا يفقهون أن سنة الله في خلق الجنسين مختلفين في السمات والرغبات هي من الدقة والإتقان بحيث إذا حاول أحد من الخلق أن يعبث بها فإنه يعرض نفسه إلى خلل في أصل التكوين، وطبيعة النفس، مما يؤدي إلى تصدع شديد في الكيان النفسي وعلاقاته بالجنس الآخر.

فأي الرجال يشتهي أن تترجل أنثاه، وأي النساء تتمنى أن يتخنث رجلها؟

الكاتب: د. خالد بن سعود الحليبي.

المصدر: موقع المستشار.